الفن الإغريقي
عندما نتعرض للحضارة الإغريقية بالبحث والدراسة ينبغي ألا يغرب عن بالنا طبيعة البلاد الإغريقية التي تكتنفها الجبال من كل جانب مما كان يؤدي إلى انعزال السكان بعضهم عن البعض الآخر واقتضى هذا الوضع حدوث قلاقل انعزال السكان بين هؤلاء السكان وبين بعضهم ثم مع غيرهم وقد نوه بها التاريخ ولم يغفل ذكرها فيما أثر عنها من خصومات ومنازعات أثينا واسبارطة وحرب طروادة ...كما ينبغي إن نعرف حب الشعب الإغريقي وتقديسه للأبطال والبطولات ويتجلى ذلك في شدة شغفه بإقامة المباريات في حلبات العدو والوثب وإلقاء الرمح عند اللحظة الحاسمة والدعوة إلى المسابقات الأولمبية ومدى إيمانهم المطلق بكمال الأجسام الإنسانية المملوءة بالصحة والحيوية والجمال الطبيعي .... ... وليس بمستغرب بعد هذا أن نرى مثالي الإغريق وهم يستلهمون هذه الألعاب الأولمبية ومن القصص التصويرية التي تمثل الأعياد التي كانت تقام في أثينا الطريق إلى نقل الحياة والحركة إلى تماثيلهم بصورة لم تكن مألوفة من قبل ولم يكن هدفهم بالطبع هو تصوير البطل فحسب بل كانوا يصورون في تضاعفية أيضا أبولو إله الجمال والصورة المثالية للرشاقة والتناسب .... وإن دارسة بسيطة لأعمال النحت الإغريقي تثبت إلى أي مدى وصل اليسر بالفنان في أحكام بناء صورة متكاملة للجسم وبحيث لا يتعذر علينا إن تتصور مدى الدراسة الواعية المتعمقة التي سبقت هذه الأعمال .
المعتقدات الإغريقية
أخذ الإغريق عن الشرق من سومر وكلدانيا وأشور ومصر بعض معتقداتهم من أن لكل قوة من قوى الطبيعة إلها يسيطر عليها فالشمس والقمر والرعد والبرق والمطر والهواء لكل منها قوة سحرية عبر عنها الفنان بتماثيل وصور آدمية وكانوا يعتقدون أن آلهتهم تختص بعواطف كالعواطف الإنسانية فهي تخزن وتفرح وتتألم ولكنها تخلد وتعيش إلى الأبد ...
فن النحت الإغريقي
يعد النحت الإغريقي من روع المصادر المميزة لهذا الفن وله تأثيره الملحوظ على كثير من الفلسفات والنهضات الفنية الأوروبية على مر العصور وفيما يلي أهم الخصائص والصفات الفنية التي تميز النحت الإغريقي
- يتجلى فن النحت المنطق الجمال والقيم الطبيعية والواقعية والرشاقة والرقة والملاحة والاتزان قليل المغالاة في الناحية العاطفية .
- المثال الإغريقي أمين في تحقيق الجمال والقيم والطبيعية الواقعية والرشاقة والرقة والملاحة والاتزان قليل المغالاة في الناحية العاطفية
- تنويع التفاصيل والحركات بشكل يستلفت الأنظار في الأيدي المستديرة والأذرع المثنية ولم يبال النحات بفكرة صيانتها والمحافظة عليها على عكس الفنان المصري الذي نحت تماثيله في أوضاع تساعد في حفظها من الكسر وتصارع الزمن .
- يميل إلى النعومة والتكامل والتشطيب الوافي مع الإيقاع في الأجسام الحية لتبدو في نهاية بعيدة عن الجمود والصلابة
- النحات الإغريقي مجد الأبطال المبرزين في الألعاب الأولمبية والرياضات العنيفة والحفلات والطقوس وسجل هذه المظاهر بعين الفاحص الخبير وفي هذا ما يفسر مغزى تزيين المعابد الإغريقية بمئات من التماثيل الأبطال الرياضيين .
- يضفي النحات الإغريقي على تماثيله من التألق مع إضافة المميزات الفردية للجسم الإنساني فيضمنه بما يبين مقدرة النحات ومهاراته الفائقة التي تتيح له سهولة التنفيذ والسيطرة والتمكن من الخامة والإلمام بدقائقها وأسرارها . يوجد في النحت الإغريقي نوعان مجسم وبارز...
التماثيل المجسمة إما فردية أو جماعية من بينها على سبيل المثال رامي القرص للمثال ميرون وتتمثل فيه الحركة العنيفة المتزنة في أدق لحظاتها الحاسمة ويبرز عضلات الجسم في أمم عنفوانها وكمالها مع تحقيق التوافق الذي يتلاءم وهذه الحركة القوية ولا يخلو التمثال من جمال الإيقاع .
تمثال رامي القرص( القرن الخامس قبل الميلاد) : أن أهم ما يميز النزعة الفنية الإغريقية، نزوعها لمحاكاة الطبيعة الذي لا يقل أهمية وقوة عن رغبتها في التناسق والنظام في العمل الفني وخصوصا في النحت بحيث يكون التمثال بنفس النسب والحجم الطبيعي للشيء المراد نحته. كما حدث للأعمال المقدمة في أوليمبيا التي كانت تقام فيها الألعاب الأوليمبية. وكان أشهر النحاتين اليونانيين هو (مورون) الذي كان من أهم أعماله (رامي القرص). فقد تميز عمله رامي القرص على قدرة عالية جداً في دقة النسب والتناسق، حيث أختار تصوير أسرع لحظات الفعل واشدها توتراً وتركيزاً، اللحظة التي تسبق انطلاق القرص، بحيث نجد تقديراً كبيراً لقيمة اللحظة الحافلة.
رأي الفيلسوف ونكلمان في الفن اللإغريقي : نظر الإغريق للفن على أنه الجمال المطلق المتمثل في محاكاة الطبيعة. كان الجسم البشري عنواناً نموذجياً للجمال في تناسب وتناسق أعضائه، كما يبدو ذلك واضحاً في المنحوتات الإغريقية للرياضيين التي يبدو فيها الجسم البشري والذكوري خاصة في أوج تناسقه ومحاكاته للأصل. وهي نظرة أرستقراطية ترى أن الكمال الجسمي هو قمة إبداع الإنسان لذاته. تشهد على ذلك أحافير معبد زيوس، وأعمال النحات الشهير "رامون" صاحبة منحوتة "بقرة أثينا" ومنحوتة "رامي القرص" الشهيرة أيضاً التي تبدي تطابقاً كاملاً بين نسب مقاييس وحجم جسم اللاعب وبين المنحوتة، وتُظهر تناسقاً فريداً بين أعضاء الجسد الرياضي.
swar
Bookmarks